فصل: قال ابن عطية في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وجعلهُ ابن عطية متعلقًا ب {مُبِينٌ}.
وقرأ نافع وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب {لَتُنذِرَ} بتاء الخطاب على الالتفات من ضمير الغيبة في قوله: {عَلَّمْناهُ} إلى ضمير الخطاب.
وقرأه الباقون بياء الغائب، أي لينذر النبي الذي علمناه.
والإِنذار: الإِعلام بأمر يجب التوقي منه.
والحيّ: مستعار لكامل العقل وصائب الإِدراك، وهذا تشبيه بليغ، أي مَن كان مثل الحي في الفهم.
والمقصود منه: التعريض بالمُعرِضين عن دلائل القرآن بأنهم كالأموات لا انتفاع لهم بعقولهم كقوله تعالى: {إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين} [النمل: 80].
وعطف {ويَحِقَّ القولُ على الكافِرِينَ} على {لِتُنذِرَ} عطفَ المجاز على الحقيقة لأن اللام النائب عنه واو العطف ليس لام تعليل ولكنه لام عاقبة كاللام في قوله تعالى: {فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوًا وحزنًا} [القصص: 8].
ففي الواو استعارة تبعية، وهذا قريب من استعمال المشترك في معنييه.
وفي هذه العاقبة احتباك إذ التقدير: لتنذر من كان حيًّا فيزداد حياة بامتثال الذكر فيفوز ومن كان ميتًا فلا ينتفع بالإِنذار فيحق عليه القول، كما قال تعالى في أول السورة.
{إنَّما تُنذِرُ مَن اتَّبَعَ الذِّكر وخَشِيَ الرحمن بالغيببِ فبشرْهُ بمغْفِرَةٍ وأجْرٍ كَرِيمٍ} [يس: 11]، فجمع له بين الإِنذار ابتداء والبشارة آخرًا.
و{القول} هو الكلام الذي جاء بوعيد من لم ينتفعوا بإنذار الرسول صلى الله عليه وسلم.
والمراد بالكافرين: المستمرون على كفرهم وإلا فإن الإِنذار ورد للناس أول ما ورد وكلهم من الكافرين.
وفي ذكر الإِنذار عوْد إلى ما ابتدئت به السورة من قوله: {لتنذر قومًا ما أُنذِرَ ءَاباؤُهم فهم غافِلُونَ} [يس: 6] فهو كرد العجز على الصدر، وبذلك تمّ مجال الاستدلال عليهم وإبطال شبههم وتخلص إلى الامتنان الآتي في قوله: {أوّلَمْ يَروا أنَّا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعَامًا} [يس: 71] إلى قوله: {أفلا يشكرون} [يس: 73].
{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ (71)}.
بعد أن انقضى إبطال معاقد شرك المشركين أخذ الكلام يتطرق غرضَ تذكيرهم بنعم الله تعالى عليهم وكيف قابلوها بكفران النعمة وأعرضوا عن شكر المنعم وعبادته واتخذوا لعبادتهم آلهة زعمًا بأنها تنفعهم وتدفع عنهم وأدمج في ذلك التذكير بأن الأنعام مخلوقة بقدرة الله.
فالجملة معطوفة عطف الغرض على الغرض.
والاستفهام: إنكار وتعجيب من عدم رؤيتهم شواهد النعمة، فإن كانت الرؤية قلبية كان الإِنكار جاريًا على مقتضى الظاهر، وإن كانت الرؤية بصرية فالإِنكار على خلاف مقتضى الظاهر بتنزيل مشاهدتهم تلك المذكورات منزلةَ عدم الرؤية لعدم جريهم على مقتضى العلم بتلك المشاهدات الذي ينشأ عن رؤيتها ورؤية أحوالها، وعلى الاحتمالين فجملة الفعل المنسبك بالمصدر سادَّة مسدّ المفعولين للرؤية القلبية، أو المصدر المنسبك منها مفعول للرؤية البصرية.
وفي خلال هذا الامتنان إدماج شيء من دلائل الانفراد بالتصرف في الخلق المبطلة لإِشراكهم إياه غيره في العبادة وذلك في قوله: {أنَّا خلقنا} وقوله: {مما عملت أيدينا} وقوله: {وذَلَّلْناهَا} وقوله: {ولهم فيها منافِعُ ومشَارِبُ} لأن معناه: أودعنا لهم في أضراعها ألبانًا يشربونها وفي أبدانها أوبارًا وأشعارًا ينتفعون بها.
وقوله: {لهم} هو محل الامتنان، أي لأجلهم، فإن جميع المنافع التي على الأرض خلقها الله لأجل انتفاع الإِنسان بها تكرمة له، كما تقدم في قوله تعالى: {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعًا} في سورة البقرة (29).
واستعير عمل الأيدي الذي هو المتعارف في الصنع إلى إيجاد أصول الأجناس بدون سابق منشأ من توالد أو نحوه فأسند ذلك إلى أيدي الله تعالى لظهور أن تلك الأصول لم تتولد عن سبب كقوله: {والسماء بنيناها بأيد} [الذاريات: 47]، ف من في قوله: {مما عَمِلتْ} ابتدائية لأن الأنعام التي لهم متولدة من أصول حتى تنتهي إلى أصولها الأصلية التي خلقها الله كما خلق آدم، فعبر عن ذلك الخلق بأنه بيد الله استعارة تمثيلية لتقريب شأن الخلق الخفيّ البديع مثل قوله: {لما خلقت بيدي} [ص: 75].
وقرينة هذه الاستعارة ما تقرّر من أن ليس كمثله شيء وأنه لا يشبه المخلوقات، فذلك من العقائد القطعية في الإسلام.
فأما الذين رأوا الإِمساك عن تأويل أمثال هذه الاستعارات فسمّوها المتشابه وإنما أرادوا أننا لم نصل إلى حقيقة ما نعبر عنه بالكنه، وأما الذين تأوّلوها بطريقة المجاز فهم معترفون بأن تأويلها تقريب وإساغة لغصص العبارة.
فأما الذين أثبتوا وصف الله تعالى بظواهرها فباعثهم فرط الخشية، وكان للسلف في ذلك عذر لا يسع أهل العصُور التي فشَا فيها الإِلحاد والكفر فهم عن إقناع السائلين بمعزل، وقلم التطويل في ذلك مَغْزِل.
والأنعام: الإِبل والبقر والغنم والمعز.
وفرع على خلقها للناس أنهم لها مالكون قادرون على استعمالها فيما يشاءُون لأن الملك هو أنواع التصرف.
قال الربيع بن ضَبُع الفزاري من شعراء الجاهلية المعمَّرين:
أصبحت لا أحمل السلاح ولا ** أملِك رأسَ البعير إن نفرا

وهذا إدماج للامتنان في أثناء التذكير.
وتقديم {لَهَا} على {مالكون} الذي هو متعلَّقه لزيادة استحضار الأنعام عند السامعين قبل سماع متعلّقه ليقع كلاهما أمكن وَقع بالتقديم وبالتشويق، وقضى بذلك أيضًا رَعي الفاصلة.
وعدل عن أن يقال: فهُم مالكوها، إلى {فهم لها مالكون} ليتأتّى التنكير فيفيدَ بتعظيم المالكين للأنعام الكنايةَ عن تعظيم الملك، أي بكثرة الانتفاع وهو ما أشار إليه تفصيلًا وإجمالًا قوله تعالى: {وذللناها لهم} إلى قوله: {ولهم فيها منافِعُ ومشارِبُ}.
وأن إضافة الوصف المُشبه الفعل وإن كانت لا تكسَب المضاف تعريفًا لكنها لا تنسلخ منها خصائص التنكير مثل التنوين.
وجيء بالجملة الاسمية لإِفادة ثبات هذا الملك ودوامه.
والتذليل: جعل الشيء ذليلًا، والذليل ضد العزيز وهو الذي لا يدفع عن نفسه ما يكرهه.
ومعنى تذليل الأنعام خلق مهانتها للإِنسان في جبلتها بحيث لا تُقدم على مدافعة ما يريد منها فإنها ذات قُوات يدفع بعضها بعضًا عن نفسه بها فإذا زجرها الإِنسان أو أمرها ذلّت له وطاعت مع كراهيتها ما يريده منها، من سير أو حمل أو حلب أو أخذ نسل أو ذبح.
وقد أشار إلى ذلك قوله: {فمنها ركوبهم ومنها يأكلون}.
والرَّكوب بفتح الراء: المركوب مثل الحلوب وهو فعول بمعنى مفعول، فلذلك يطابق موصوفه يقال: بعير رَكوب وناقةٌ حَلوبة.
و{مِن} تبعيضية، أي وبعضها غير ذلك مثل الحرث والقتال كما قال: {ولهم فيها منافِعُ ومشَارِبُ} والمشارب: جمع مشرب، وهو مصدر ميمي بمعنى: الشرب، أريد به المفعول، أي مشروبات.
وتقديم المجروريْن ب من على ما حقهما أن يتأخرا عنهما للوجه الذي ذكر في قوله: {فهم لها مالِكُون}.
وفرع على هذا التذكير والامتنان قوله: {أفلا يَشْكُرونَ} استفهامًا تعجيبيًا لتركهم تكرير الشكر على هذه النعم العِدّة فلذلك جيء بالمضارع المفيد للتجديد والاستمرار لأن تلك النعم متتالية متعاقبة في كل حين، وإذ قد عُجِب من عدم تكريرهم الشكر كانت إفادة التعجيب من عدم الشكر من أصله بالفحوى ولذلك أعقبه بقوله: {واتخذوا من دُوننِ الله ءَالِهَةً} [يس: 74].
{وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ (74)}.
عطف على جملة {أو لم يروا أنَّا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعامًا} [يس: 71]، أي ألم يروا دلائل الوحدانية ولم يتأملوا جلائل النعمة، واتخذوا آلهة من دون الله المنعِم والمنفرد بالخلق.
ولك أن تجعله عطفًا على الجملتين المفرعتين، والمقصود من الإِخبار باتخاذهم آلهة من دون الله التعجيب من جريانهم على خلاف حقّ النعمة ثم مخالفةِ مقتضى دليل الوحدانية المدمَج في ذكر النعم.
والإِتيان باسم الجلالة العَلَم دون ضميرٍ إظهارٌ في مقام الإِضمار لما يشعر به اسمه العلم من عظمة الإِلهية إيماء إلى أن اتخاذهم آلهة من دونه جراءة عظيمة ليكون ذلك توطئة لقوله بعده {فلا يحزنك قولهم} [يس: 76] أي فإنهم قالوا ما هو أشد نكرًا.
وأما الإِضمار في قوله في سورة الفرقان (3): {واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئًا وهم يخلقون} فلأنه تقدم ذكر انفراده بالإِلهية صريحًا من قوله: {الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولدًا ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديرًا} [الفرقان: 2].
وقوله: {لعلَّهم يُنصرون} وقعت لعلّ فيه موقعًا غير مألوف لأن شأن لعلّ أن تفيد إنشاء رجاء المتكلم بها وذلك غير مستقيم هنا.
وقد أغفل المفسرون التعرض لتفسيره، وأهمله علماء النحو واللغةِ من استعمال لعلّ، فيتعين: إما أن تكون لعلّ تمثيلية مكنية بأن شبه شأن الله فيما أخبر عنهم بحال من يرجو من المخبرَ عنهم أن يحصُل لهم خبرُ لعلّ، وذكر حرف لعلّ رمز لرديف المشبه به فتكون جملة {لعلهم ينصرون} معترضة بين {ءَالِهَةً} وبين صفته وهي جملة {لا يستطيعون نصرهم} وإما أن يكون الكلام جرى على معنى الاستفهام وهو استفهام إنكاري أو تهكمي والجملة معترضة أيضًا، وإما أن يجعل الرجاء منصرفًا إلى رجاء المخبر عنهم، أي راجين أن تنصرهم تلك الآلهة وعلى تقدير قول محذوف، أي قائلين: لعلنا نُنصر، وحكي {يُنصَرون} بالمعنى على أحد وجهين في حكاية الأقوال تقول: قال أفعَلُ كذا، وقال يَفعلُ كذا، وتكون جملة {لا يستطيعون نصرهم} استئنافًا للرد عليهم.
وإما أن تجعل لعلّ للتعليل على مذهب الكسائي فتكون جملة {لا يستطيعون نصرهم} استئنافًا.
والمقصود: الإِشارة إلى أن الكفار يزعمون أن الأصنام تشفع لهم عند الله في أمور الدنيا ويقولون: {هؤلاء شفعاؤنا عند اللَّه} [يونس: 18] وهم سالكون في هذا الزعم مسلك ما يألفونه من الاعتزاز بالموالاة والحلف بين القبائل والانتماء إلى قادتهم، فبمقدار كثرة الموالي تكون عزّة القبيلة فقاسوا شئونهم مع ربهم على شئونهم الجارية بينهم وقياس أمور الإِلهية على أحوال البشر من أعمق مهاوي الضلالة.
وأجري على الأصنام ضمير جمع العقلاء في قوله: {لا يستطيعون} لأنهم سموهم بأسماء العقلاء وزعموا لهم إدراكًا.
وضمير {وهُمْ} يجوز أن يعود إلى {ءَالِهَة} تبعًا لضمير {لا يستطيعون}.
وضمير {لَهُم} للمشركين، أي والأصنام للمشركين جند محضَرون، والجند العدد الكثير.
والمحضر الذي جيء به ليحضر مشهدًا.
والمعنى: أنهم لا يستطيعون النصر مع حضورهم في موقف المشركين لمشاهدة تعذيبهم ومع كونهم عددًا كثيرًا ولا يقدرون على نصر المتمسكين بهم، أي هم عاجزون عن ذلك، وهذا تأييس للمشركين من نفع أصنامهم.
ويجوز العكس، أي والمشركون جند لأصنامهم محضرون لخدمتها.
ويجوز أن يكون هذا إخبارًا عن حالهم مع أصنامهم في الدنيا وفي الآخرة.
وينبغي أن تكون جملة {وهم لهم جندٌ مُحضرونَ} في موضع الحال، والواو واو الحال من ضمير {يستطيعون} أي ليس عدم استطاعتهم نصرهم لبعد مكانهم وتأخر الصريخ لهم ولكنهم لا يستطيعون وهم حاضرون لهم، واللام في {لَهُم} للأجَل، أي أن الله يحضر الأصنام حين حشر عبدتها إلى النار ليُري المشركين خطَل رأيهم وخيبة أملهم، فهذا وعيد بعذاب لا يجدون منه ملجأ.
{فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (76)}.
فرّع على قوله: {واتَّخذوا من دُوننِ الله ءَالِهَةً} [يس: 74] صرفُ أن تحزن أقوالهم النبي صلى الله عليه وسلم أي تحذيره من أن يحزِن لأقوالهم فيه فإنهم قالوا في شأن الله ما هو أفظع.
و{قولهم} من إضافة اسم الجنس فيعم، أي فلا تحزنك أقوالهم في الإِشراك وإنكار البعث والتكذيب والأذى للرسول صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين، ولذلك حذف المقول، أي لا يحزنك قولهم الذي من شأنه أن يحزنك.
والنهي عن الحزن نهي عن سببه وهو اشتغال بال الرسول بإعراضهم عن قبول الدين الحق، وهو يستلزم الأمر بالأسباب الصارفة للحزن عن نفسه من التسلّي بعناية الله تعالى وعقابه من ناووه وعادوه.
{يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ}.
تعليل للنهي عن الحزن لقولهم.
والخبر كناية عن مؤاخذتهم بما يقولون، أي إنا محصون عليهم أقوالهم وما تسرّه أنفسهم مما لا يجهرون به فنؤاخذهم بذلك كله بما يكافئه من عقابهم ونصرِك عليهم ونحو ذلك.
وفي قوله: {ما يُسِرُّونَ وما يُعلنون} تعميم لجعل التعليل تذييلًا أيضًا.
و أن مغنية عن فاء التسبب في مقام ورودها لمجرد الاهتمام بالتأكيد المخبر بالجملة ليست مستأنفة ولكنها مترتبة.
وقرأ نافع {يُحزِنكَ} بضم الياء وكسر الزاي من أحزنه إذا أدخل عليه حزنًا.
وقرأه الباقون بفتح الياء وضم الزاي من حَزَنه بفتح الزاي بمعنى أحزنه وهما بمعنى واحد.
وقدم الإِسرار للاهتمام به لأنه أشدّ دلالة على إحاطة علم الله بأحوالهم، وذكر بعده الإِعلان لأنه محل الخبر، وللدلالة على استيعاب علم الله تعالى بجزئيات الأمور وكلياتها.
والوقف عند قوله: {ولا يحزنك قولهم} مع الابتداء بقوله: {إنَّا نعلم} أَحسنُ من الوصل لأنه أوضح للمعنى، وليس بمتعيّن إذ لا يخطر ببال سامع أنهم يقولون: إن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون، ولو قالوه لما كان مما يحزن النبي صلى الله عليه وسلم فكيف ينهى عن الحزن منه. اهـ.

.قال ابن عطية في الآيات السابقة:

ثم خاطبهم تعالى لما تميزوا توقيفًا لهم وتوبيخًا على عهده إليهم ومخالفتهم عهده، وقرأ جمهور الناس {أعهَد} بفتح الهاء، وقرأ الهذيل وابن وثاب، {ألمِ إعهَد} بكسر الميم والهمزة وفتح الهاء وهي على لغة من يكسر أول المضارع سوى الياء، وروي عن ابن وثاب {ألم أعهِد} بكسر الهاء، يقال عهد وعهد، وعبادة الشيطان هي طاعته والانقياد لإغوائه، وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر والكسائي {أنُ اعبدون} بضم النون من أن أتبعوا بها ضمة الدال واو الجماعة أيضًا، وقرأ عاصم وأبو عمرو وحمزة {وأنِ اعبدون} بكسر النون على أصل الكسر للالتقاء، وقوله تعالى: {هذا صراط مستقيم} إشارة إلى الشرائع، فمعنى هذا أن الله تعالى عهد إلى بني آدم وقت إخراج نسلهم من ظهره أن لا يعبدوا الشيطان وأن يعبدوا الله تعالى وقيل لهم هذه الشرائع موجودة وبعث تعالى آدم إلى ذريته ولم تخل الأرض من شريعة إلى ختم الرسالة بمحمد صلى الله عليه وسلم، والصراط الطريق، ويقال إنها دخيلة في كلام العرب وعربتها.